چنت أزغير :
غصت في أعماق ذاكرتي الحبلى بالذكريات ودون ان أشعر أخذتني أرهاصة شوق لذلك الماضي القريب فأجدني أهتز طربا وأنتشي سرورا حين خالجني الحنين وما أعذبه من حنين يمتطي صهوة جواد الأيام الجميلة المفعمة بالبراءة والحيوية ويحملني الى حيث أيام طفولتي البريئة .. فعندما كنت صغيرا أرى كل الوجوه مرسومة في وجه امي وكل الدنيا قد اختزلتها خصلة من شعر امي كنت العب وألهو واركض هنا احلم بأشياء أكبر مني واضحك بملأ الحياة فرحا هناك .. ووجه ابي كان اخر محطات المساء بعد يوم طويل من اللهو واللعب كنا نستدير كالحلقة حوله بعد ان يكمل لف سيجارته واخذ نفس عميق من دخان تلك السيجارة يضع يده على خده قبل ان يبدأ بسرد حكايته المسائية يتنهد بحسرة (چبير العمر من يذكر شبابه ) ومن ثم يتلو صحائفه ( گبل يا بويه چانت أبيوت اهلنه صرايف مبنيه من گصب الهور ومسگوفه بالباريات وبيوم من الايام شبت حريجه ابيت ابو احميد لان ام احميد نامت ونست اللالة واجه وما حسو اله والنار علگت بصريفتهم گعد ابو احميد مرعوب من نومته وبالگوه گدر يطلع بس الجهال چانت الدنية ليل شته بارد وكل الوادم منومه وحتى من يفزع اهل السلف محد راح يسمعه باوع بحسره على شگه العمر تأكله النار وهو لا حوله اله ولا قوه ) ابتلع شهقة بعمق حزنه وطرح زفيره محمل بألم الحيرة فأخذته سِنَةٌ لبرهة قصيرة جدا من الزمن فرمق بطرفه الضفة الاخرى من النهر الذي كان يفصله عن بيت صديق عمره أبو عناد وتمتم بينه وبين نفسه ( تمنيت كون هسه أبو عناد يمي ) وكأن الريح استرقت عنوة من قلب أبو احميد تمتمته ونفثتها في قلب صديقه أبو عناد وعلى غير عادته نهض أبو عناد من نومه مفزوع ومرعوب من حلم (جيثوم) عكر عليه لذة نومه وما ان فتح عينيه ابصر نارا تلتهم بيت صديقة أبو احميد ودون وعي منه رمى بنفسه الى النهر الذي كان شبه متجمد في تلك الليلة من ليالي ( الازرگ ) غير آبه بصحته وعبر الى الضفة الأخرى من النهر لينقذ صديقه فوصل متأخرا بعد ان التهمت النيران كل شيء فجثم على ركبتيه لشدة خجله من أبو احميد فقال له اسفا ومعتذرا ( يخويه عمت عين النوم اللي اخرني عنك ومادام خشمك يشم الهوه فدوه الك البيت واللي بيه ) وفي اليوم التالي غادر أبو عناد بيته الطيني ليهبه وما فيه الى صديقة أبو احميد ويسكن هو وعائلته في العراء .. بعدها ختم والدي حكايته لذلك المساء ببيت دارمي ممزوج بدموع كبريائه ( كون الصديج ايصير هيچ لصديجه .. عبرته بنص الليل تسوه الحريجه ) .. عندما كنت صغيرا كانت الحياة تتنفس إنسانية وتنطق حبا وايثار .. عندما كنت صغيرا كان هناك انسان يحب الانسان ؟!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق