ثلثين
الولد على خاله :
هذا المثل
من الأمثال الشعبية والمتداولة كثيرا في العراق ويضرب عندما يكون الخال رجلا
محترما يشار له بالبنان والأخلاق الحميدة وتظهر هذه الصفات في تصرفات وأخلاق ابن
أخته أو على العكس من ذلك تماما. فنجد الاولاد أكثر شبة وأكثر تعلق بأخوالهم . هذا
ما يخص الإنسان . أما مسألة ادعى البغل بأن الحصان خاله وأدعى النغل من جهة أخرى
بأن الحمار خاله مسألة فيها نظر. الحقيقة البغل حيوان هجين ينتج عن تزاوج فرس مع
ذكر الحمار فيما النغل هو حيوان هجين أيضا من سلالة الخيول وينتج عن تزاوج الحصان
وأنثى الحمار وتتميز البغال بتمتعها بصبر الحمار وقوة الفرس فضلا عن مقاومتها
للأمراض وقوة عضلاتها وسرعة حركتها ما يشجع على استخدامها في حمل الأثقال في
المناطق الجبلية ذات المسالك الوعرة. وتتصف البغال ايضا بالعناد ويقال إنه عندما
يقسو عليها سائسها وهي سائرة في أعالي الجبال ترمي بحملها وتنتحر رامية بنفسها من
فوق الجبل. اما النغل فيستخدم أيضا للركوب وحمل المتاع. ويفترق النغل عن البغل
بأنه أصغر حجما وأقل قوة من البغل. ويذكر أن البغل والنغل عقيمان ولكليهما أحقية
الانتساب الى خاله. أما أنا فكل ما يعنيني من هذه المقدمة المطولة شيئا واحدا
لطالما أرقني وأخافني حصوله فهل من الممكن أن يتحول في يوم من الأيام البغل أو
النغل زعيما ؟!! وللأسف الشديد يقال انه حصل ولازال يحصل في تاريخ زعامتنا العربية
الماضية منها والحالية مثل هكذا تحول. وعليه وجب على الأقلام المثقفة تحذير الأمة
من خطورة تسلل البغال والنغال إلى سدة الحكم واعتلاء قمة هرم السلطة. فعندما يصبح
جلالة الملك بغلا تختل الموازين وتتداخل العناوين بعضها في البعض الأخر فيصير
الجمال قبحا والمعروف منكرا والنهيق غناء وزقزقة العصافير هي أنكر الأصوات وستجد
البلابل تتوقف عن التغريد خشية أن تتهم بتنشيز السلم الموسيقي. وسترى الفكر البغلي
منهجا فلسفيا يدرس في أعرق الجامعات إلى جانب منهج الشك لديكارت ويقارن بفلسفة
الوجود عند أفلاطون وسترى أساتذة الجامعات يحاولون إظهار أكبر قدر ممكن من الحماقة
والغباء لكيلا تنالهم عقوبة الإساءة للذات البغلية أو محاولة تغيير عقيدة البغال. عندما
يصبح سيادة رئيس الجمهورية بغلا تصبح حيازة العقل جنحة واستخدامه جناية وتعظيمه
خيانة عظمى عقوبتها الإعدام ستجد الشعب يقبل سياط الذل والهوان وكل الاهانات
والتنازل عن كرامته الإنسانية أمام الزعامة البغلية وكل ذلك مقابل حزمة من البرسيم
آخر الليل. سيقبل الناس بالشيء وعكسه في الوقت نفسه فتراهم يصدقون الأمر ونقيضه،
ويتذمرون على الشيء ثم يخضعون لما هو أسوأ منه لأنهم قبلوا أيديولوجية البغال. عندما
يصبح سمو أمير البلاد المفدى بغلا ستجد البغل في هيئة وزير وفي هيئة أستاذ جامعي
وتراه مديرا وطبيبا وشاعرا ومثقفا وإعلاميا وفنانا وعبقريا و و و و وحتى في أخر
المطاف في هيئة خفير والأدهى والآمر ستجده إمام جمعة يخطب ويفتي بأن الله خلق
البغال في أحسن تقويم. حين يصبح الحاكم العربي بغلا او نغلا ستجد اي إنسان مسكين
لا يتجرأ الإعلان عن آرائه بهذا الكائن الحقير وإلا تعرض للاعتقال والسجن ولربما
في أخر الأمر مقتولا أو شهيدا في سبيل فكرة تقول :(أن الله خلق الإنسان وكرمه على
سائر المخلوقات بالعقل وقد يتسافل هذا الإنسان إلى مرتبة جلالة الملك أو سيادة
الرئيس أو سمو الامير) ؟!!اللهم لك الحمد والثناء إن خلقتني انسانا سويا ولم
تخلقني ملكا ولا رئيسا ولا أميرا فأقبضني إليك كما ولدتني أمي أنسانا حرا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق