دعاء أم حمـــد
( 7 )
عشرون عجاف تصرمت وكل شيء حولها كان ينطق صمتاً ويتنفس هدوءً
.. الهور .. قصب البردي .. الصَيْهُود والخِنياب .. وحتى نقنقة دجاج الماء الذي كان
يحدث ضجيجاً مزعجاً فيما مضى بح صوته وبات يطير ويحط بصمتٍ مطبقٍ .. أمنيتها ان ترزق
بطفلٍ يخترق كل ذلك الصمت المطبق ويذيب جليد الروتين والرتابة الذي أعتادته منذ عشرين
سنة مضت على زواجها.. حلمٌ يُسكرها حد الثمالة ان تصبح في يوم من الايام أم مثل أغلب
النساء المتزوجات لم تدخر جهداً ولم تترك باباً مغلقاً إلا طرقته .. الطب .. النّذر
.. السيد والعَراف.. حتى أنها ارتادت حارة العرافات والمشعوذات لكن دون جدوى .. شيئا
فشيئاً بدأ يخفت بل ويتلاشى الضوء الاخضر لعبور حلمها المنشود وتتراءى لها فزعة الزمن
برحيل ما تبقى من بقايا العمر .. وللحظة رمقت السماء بطرفها تمتمت بكلمات غير منطوقة
ولا مقروءة .. بعد تسعة أشهر ضربها الطلق كانت في غاية القلق والاضطراب والتوتر وفي
حالة غريبة من الترقب واللهفة والأمل والسعادة الممزوجة بالحزن المكتوم مثل كل الامهات
كانت تنتظر وليدها بفارق الصبر .. تعالت صرخات آلم الولادة المريرة التي تنبعث منها
على مضض وما ان علت صرخات وليدها حتى توقفت انفاسها وأغمضت عينيها بشده على أحلام تتبعثر
وآمال تتفجر وغادرت الحياة بابتسامة رضا .. حينها أدرك الجميع ان تلك المرأة هي ( أم
حمد ) وان ما تمتمت به من كلمات (يارب أمشيه عليك العباس ابو فاضل ) خذ من عمري وهب
لي من لدنك ( حمــد ) يقاتل دفاعاً عن أرض وشرف العراق ؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق