بقايا رذاذ من ذاكرة حمد
(2)
كلما حاول ان يمسك قلمه ليكتب يجد نفسه عاجزاً عن القراءة
.. وكلما حاول ان يقرأ ما يكتب يصدم بعدم القدرة على ترجمة افكاره. ملامح وجهه توحي
لك بحاجته الى صراخ يخنق الصمت بداخله ويعيد النبض الى حرفه المحتضر ويغتال الارتباك
من بين اصابعه المرتجفة . ففي حضرة الصمت ترتدي كل الوجوه اقنعة بلا افواه وتلوذ الحروف
بكلماتها وتتلاشى الكلمات بين السطور رغم ان لغة الصمت في بعض الاحيان تكون ابلغ من
الكلام واخر ابجديات النطق الا ان ( حمد) الوحيد من بين كل ابناء قريته الفقيرة كان
يتقيأ حروف كلماته على عجالة وينفث انفاس معاناة وطنه على مضض .. حمد مزق جدار صمته
عندما سمع صوت الجوع يئن في معدة الوطن وشاهد الوطن عاريا وعورته مكشوفه للجميع لان
ابناءه سرقوا ملابسه الداخلية .. حمد لا يكذب ولا يختلق الاحداث فكل ابناء هذا الوطن
عاقين وسارقين .. تأكدت الآن إن حمد حين يكتب كان يمارس طقوس عبادة سرية هدفها تطهير
اللاشعور من الدنس وان حبيبته ( غيده) لازالت تسبح في ملكوت الشوق اليه وتتنقل بين
نبضاتها الحزينة في البحث عنه فهي انثى خجولة تقمصت الوطن وتخاف الظهور في بقاياها
المنسية في عتمة ذاكرة حمد كلما حاول حمد ان ينبش في ذاكرته عن وطن ؟!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق