الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016

قسمة فنيخ :



فنيخ شخصية موروثة  لم ألتق  قط لا على أرض الواقع ولا حتى من خلال الشبكة العنكبوتية (الانترنت) فكل ما أعرفه عنه أطراف أحاديث نقلها لنا الموروث الشعبي العراقي أباً عن جد .. فالرجل كان قروي انتبذ من أهله مكاناً قصياً وأتخذ من إحدى قرى الاهوار النائية في مدينة العمارة مسكناً وملاذاً آمناً وآثر على نفسه العزلة تلافياً لما يسببه له الاختلاط بالناس من مشاكل .. كان حكيم لقماني رغم انه لا يفقه من فلسفة سقراط شيئاً بل وانه لا يتمكن من تلفظ كلمة الفلسفة دون تلكأ .. وعارف بالعدل الإلهي على الرغم من انه لا يستطيع ان يميز بين حرف الألف والياء فقد أدرك من نمو وتكاثر قصب البردي في الهور من دون تدخل للإنسان فيه حكمة العدل الإلهي .. ذات ليلة زمهريرية من ليالي الهور الباردة والمظلمة طرق بابه ضيف فرحب به ووقر مقامه أكثر من غيره كونه (سيد) فذبح له دجاجته الوحيدة التي كان يملكها وطلب من زوجته أن تصنع لهم وجبة العشاء وبعد ان نضجت الدجاجة قدمها بين يدي ضيفه .. وقال له (معتذراً عن التقصير): سيدنا هذه الدجاجة كل ما أملك وكنت استفاد من بيضها كل صباح ولو كنت امتلك أكبر منها لقدمته لك .. فهل تحب أن نقتسمها بيني وبينك بقسمة فنيخ ام بقسمة الله فتأمل السيد الأمر وضرب أخماس بأسداس وبعد تفكير طويل ومتأنِ قال: دعني ارى قسمة فنيخ اولاً فأخذ فنيخ سكيناً وقطع الدجاجة الى نصفين متساويين فدخل الى نفس السيد طلب المزيد ولمع في عينه الطمع فقال : لا أرضى بقسمتك فأقسم الدجاجة بقسمة الله فأخذ فنيخ نصف السيد وضمه الى نصفه ولم يعط السيد غير الجناح ! فنهض السيد منتفضاً ثائراً يصفع جناحي عباءته بعضها بالبعض الاخر وقال مغاضباً : أنه امر دبر بليل أيها الزنديق فهل أنت أعدل من الله ؟ بكل هدوء أجابه فنيخ ألا ترى أنك تملك عمارات وقصور وعقارات ومزارع في كل دول العالم وتركب اخر موديلات السيارات وتلبس أجمل الثياب وتعتلى أعلى المناصب بالدولة وتدعي انها هبة الله لك ولم يهبني سوى هذه الدجاجة وأرسلك لتشاركني بها .. ألست هذه قسمة الله الذي شرعتها لنفسك ؟! وما أنزل الله بها من سلطان .. في الحقيقة كنا نتوسم خيراً بعد سقوط الصنم وزوال ظلم الطاغية صدام إن تنصفاً وترفع عنا الحيف عدالة السادة والذي كان من المفروض أن تكون امتداد لعدالة الإمام علي (ع) لكن للأسف الشديد خابت بهم الظنون .. طبعاً كلامي موجه للبعض .. هناك سادة أجلّاء فلهؤلاء النفر ترفع القبعات إكراماً وتنحي لهم الهامات إحتراماً وتقديراً .. وفي النهاية شعب فنيخ ينطبق عليه المثل القائل : (لاحظت برجيلها..ولا خذت سيد علي)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق