الجمعة، 25 نوفمبر 2016

حمـــد .. والمحروگ اصبعه ؟!!

( 12 )



كنا ننام على أنغام أَطيطُ بطوننا الخاوية ونحلم بإفراط وأَنَّى لنا أن نحلم بِكُسيرات من الخُبزِ نَسِدّ بها رمقنا ونسكت عواء امعائنا من شدّةِ الجوع ونصحو على طنين الذباب المحلق حول شفاهنا الذابلة .. وكالعادة بتنا تلك الليلة الشتائية القارصة من شهر شباط نلتحف انا وأخي البساط الوحيد الذي نمتلكه والذي بدَت عليه أعراضُ الشَّيخوخة والهرم .. أبي أعتاد الإستيقاظ مبكراً مثل كل الفقراء يستيقظون مبكرين قبل الجميع حتى لا يسبقهم الى العذاب أحد .. ليلتها لم يغمض لي جفن بسبب آلام اطراف أصابعي من شدّةِ البرد سمعتها تهمس في آذَنَه قائلةً: يا أبا حمد لا نملك مالاً لصنع طعام لأطفالنا الجياع مد يده في جيبه المَخروم فتش يميناً وشمالا ثم استخرجها بيضاء لا تحوي الا ربع دينار ممزق قال لها : وهو يحبس انفاس دموعه على مضض حتى لا تفضح كبريائه لا أملك سوى هذا الربع الذي أخطت جروحه العميقة بخيوط (دشداشتي) العتيقة كوني لا املك ثمن اللاصق الشفاف اضمد به جراحه .. بالأمس ابتعت به علبة سكائر من البقالية المجاورة لدارنا فقال لي البقال يا سيدي هذا الربع (ما يمشي) ربما عمق جروحه منعته الحركة والسير .. كعادتها أم حمد وبعد ان كفكفت دموعها بابتسامة علّت محياها قالت: لا عليك سوف اتدبر الأمر بنفسي سجرت موقدها وضعت فوقه القدر في ذلك اليوم الشتائي الماطر كانت امي تبحث في زوايا البيت عن بقايا فتات الخُبز اليابس المتناثرة هنا وهناك ومن ثم بدأ القدر يفور .. أبي الجبل الذي اجتمع النقيضين فيه عيون مغرورقه بالدمع وشفاه باسمه اما نحن استدرنا حول موقد امي نتدفأ .. نترقب .. نحلم .. وننتظر حساء امي وأخيراً أكتمل الطبخ مددنا ايدينا أنا وأخوتي بعد ذكر اسم الله عليه وعلى عجالة وتلهف الجياع بسرعة البرق افرغنا القدر رغم ان طعمه كان مقرفاً بعض الشيء الا ان نظرات العطف والابتسامة التي تعلو محيا امي وابي جعلته أحلى من الشهد المصفى. سألتها ما أسم هذه الاكلة يا أمي قالت: يا حمد انها اكله الاجداد. اكلة العزة. اكلة الكرامة. اكلة اهل الجنة في الدنيا اسمها محروگ اصبعه وفي الاخرة اسمها اكله عيال الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق