الجمعة، 25 نوفمبر 2016

حمـــد والعيـــــــد :

(13)



كنت أقرأ وجوه ضيوفي المهنئين بمناسبة العيد كلمات مبهمة وأغوص في بواطن حروف تلك الكلمات حد الارتكاس .. تقرأ عيناي الضجرة كل السطور المخفية خلف عبارة (عيدكم أمبارك) من خلال ثقب ضيق قراءة متأنِّية تشعرني برعشة عذراء حزينة غارقة في السواد .. احسست حينها بسخرية هذه العبارة !! فأي عيد نهنئ به بعضنا البعض ودماء الابرياء في بلدي تراق على مرأى ومشهد العالم نهنئ ونبتهج بعيد ملطخ بدماء الاطفال عيد اصطبغ بلون الدم وتعطر برائحة الموت وارتداء ثوب الحداد عيد لا تسمع فيه سوى عويل الثكالى وآنين الارامل عيد سيسجل شهادته في التاريخ بأن حمد وحتى آخر يومٍ من العيد كان ينتظر عودة ابيه من سوح القتال ولا يعلم ان الايادي التي كانت تمسح على راسه ماذا تعني؟ وان ملابس العيد التي تصدقت بها الجمعيات الخيرية كانت تعلن بصوت مفضوح عنوان يتمه .. حمد عبثاً يبعثر كل حاجيات العيد بحثاً عن وجه ابيه عن عطر ابيه الذي اعتاد استنشاقه عند كل عيد يعانقه فيه يفتش بين ألعاب العيد عن حرارة يد ابيه عن الصوت الذي يطربه لحنه اعتقادا منه ان العيد خلق كي يعود فيه كل الموتى الى أهلهم بعد رحلة الموت .. أين انت يا أبي ليتني أستطيع شراء رجوعك بكل العيديات وبكل الملابس وبكل الالعاب التي اهديت لي .. عندما كان حمد طفلاً كان يعرف العيد ويعرف تفاصيل وجهه جيداً فماذا حدث اليوم هل كبر حمد على العيد فـأصبح صغيراً في عيونه لا يكاد يراه أم العيد كبر جداً على حمد واصبحت عيون حمد لا تستطيع ان تتسع لرؤيته .. وأي عيد هذا الذي يجعلنا نسخر من بعضنا بعبارات منمقة لا تتجاوز ثنايا أفواهنا وغيدة لازالت تحت ركام انقاض الانفجار الارهابي ويغطي وجهها الجميل غبار الموت وهي تنتظر من ينتشل جثتها المعفرة ويستر سوءاتها ويواريها الثرى .. قرأت الوجوه جيداً وفتشت ما بين سطورها ووصلت لحقيقة مفادها ان كربلاء مازالت مستمرة وان الحسين (ع) يذبح كل يوم بسيف شريعة جده محمد (ص) التي سرقها المناضلون الجدد والكهنوتية الذين ارتدوا عمامة جده رسول الله (ص)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق