غيده .. وحمد
( 1 )
أختطف بضع ثوان من عمر الزمن وراح يداعب ذاكرة الأيام عله
يسد رمق الاشتياق المعتق في ذاته التواقة دوماً لمعانقة رذاذ الماضي الجميل فصوت (دگ
اگهوه) ورائحة الهيل ومروراً (ابو محابس شذر يلشاد خزامات) وانتهاءً بزرازير البراري
كلها اجتمعت للتو في مخيلة حمد لتهطل هذه المرة بغزارة تروي بها حقول الحنين الظمأ
لاكتناز قطرات المطر في روحه المتعبة والمنهكة من (ضيم السنين) . لكن هناك ثمة إطلالة
استوقفته من بين كل هذا الكم الهائل من الذكريات إطلالة كلما حاول محوها من شريط الزمن
تتمنع على غنج مفارقة ذاكرة حمد إنها ... غيده . . غيده الأنثى الوحيدة العالقة بأطراف
كل حروف حكايات حمد فجمالها السومري وسحنتها الجنوبية السمراء وصهيل صوتها الشجي دائما
توقظ في بقاع رجولته عنفوان الثورة فـ حمد كان ولا يزال ثائراً على كل الغربان الناعبة
قاق قاق والمؤمنة بنظرية (ياحوم اتبع لو جرينه) وممتعضاً من كل القنوات التلفزيونية
والإذاعية فهي تبذل جهدها لإقناع المواطنين بالتخلي عن عقولهم وآذانهم وعيونهم وغاضباً
على كل العصافير والزرازير لأنها كانت السبب الأول في اختراع الطائرات الحربية وحاقداً
على كل الخراف لأنها أسست لقانون البقاء للأقوى وعاتباً على رغيف الخبز فهو يذلّ البطون
الخاوية ولا يزهق الأرواح .. حمد ثائراً على واقعه على ذاته وعلى غربته رغم انه يرتدي
الوطن جلباباً .. حمد أخر ما تبقى من ضمير الإنسانية الحي . . .
بتوقيع أعقل المجانين . . .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق