الشعب الذي لا يمييز بين الحية والجرية . . لا يستحق الحرية ؟!!
يروى والعهدة على الراوي أنه في قرية نائية يعيش أهلها البسطاء على مهنة الفلاحة والصيد وكلهم أميين لايحسنوا القراءة والكتابة ويعيش بينهم رجل يدعى ملا حسن أتخذ الدين غطاءا لجهله وأميته وصور نفسه للقرويين بأنه يقرأ ويكتب ويفهم في أصول الدين والفقه ولجهلهم صدق القرويون وتكفلوا بمسكنه ومأكله ومشربه وبقية أحتياجاته (نايم برأس الجماعة) وفجأة طرق سمع ملا حسن خبرا يفيد بأن الحكومة عازمة على ايفاد معلم لغة عربية إلى تلك القرية لتعليم ألأطفال وثارت ثائرة ملا حسن وجن جنونه وشعر بأن وصول المعلم الى القرية يعني نهاية لدجله وخداعه لأهل القرية وضربة قوية لمصالحه وأخذ يضرب أخماس بأسداس ويفكر ويتربص ويحيك المؤامرات حتى وصل لفكرة وحيلة خبيثة يتخلص بها من المعلم القادم من المدينة . ووصل المعلم وأستقبلته القرية وذهب مباشرة لمضيف شيخ القرية وفرح به كبار القوم وأستقبلوه أستقبالا لائقا وكان من ضمن المستقبلين ملا حسن..! وبعد أن تعرف المعلم على رجال القرية وأخذ يحدثهم أحاديث للمجاملة وعن التعليم والقراءة والكتابة تشجع ملا حسن وأستجمع قواه وبادر المعلم بسؤال استفزازي لم يدر في خلد الأستاذ فقال: أستاذ آنا على يقين بأنك لاتجيد القراءة والكتابة ! وأتحداك أن تكتب كلمة حية (افعى) فذهل المعلم من طلب ملا حسن وأعتبر أن الأمر سينتهي لصالحه وقبل التحدي وأحظروا لهم ورقتين وقلمين لكليهما، وبدء المعلم يكتب حية وكذلك قام ملا حسن بكتابة حية!! وبعد الانتهاء من الكتابة قدم الأثنان ورقتيهما الى رجال القرية وأخذ القوم يتدارسوا ويتباحثوا عن من كتب كلمة حية بشكل الصحيح وبعد فترة قرر أهل القرية بأن حية ملا حسن كتبت بالشكل الصحيح وأن حية المعلم لاتمت الى فصيلة الأفاعي بصلة ! فهجموا على المعلم وأشبعوه رفسا وركلا ( وبهذلوه) وطاردوه حافيا خارج القرية وشكروا ملا حسن على انقاذهم من شر المعلم وزادوا عطائه وأكرموه أكثر من قبل . ياترى ماذا فعل ملا حسن لكي تحضي حيته بأعجاب القرية وتفوز فوزا ماحقا على حية المعلم؟ المعلم وبحسن نية كتب حية كتابة أما ملا حسن فرسم خط متمايل على شكل حية!! وبما أن أهل القرية كلهم أميون لم يفهموا كلمة حية المكتوبة بيد المعلم بل حية ملا حسن كانت أقرب لعقليتهم بأعتبارها رسم يشبه الحية وهكذا نجا ملا حسن وحافظ على موقعه في القرية واستمر في خداع السذج . . !!؟
واليوم ملا حسن يعتلي أعلى المناصب الحكومية ولازال يستخدم نفس النقش الذي رسم فيه الحية ايام زمان لرسم مستقبل البلد بخطوط ملتوية ومتداخلة فيما بينها صفراء فاقع لونها تسر الناظرين تحضى بهتافات التأييد من حناجز الجماهير ( بالروح بالدم نفدك ياملا حسن) وعواصف تصفيق المصفقين الحارة من لدن شعب الاميين . أما المعلم المسكين الذي كاد ان يكون رسولا فقد افترش الرصيف بحاجيات اكسباير ورفع صوته مناديا ( الحاجه بربع ) . .!؟
فالشعب الذي لا يقرأ ولايكتب يودع طاغية ويستقبل ظالم يبدل عالم بجاهل االشعب الذي لا يمييز بين الحية والجرية . . . لايستحق الحرية
((الشعب الذي ينتخب الفاسدين والانتهازيين والمحتالين والناهبين و الخونة، لا يعتبر ضحية، بل شريكا في الجريمة".جورج أورويل ))
نشرت في جريدة الزمان العدد 4959 في 24/11/2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق