الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016

بلقيس . . .؟!

( 3 )


بدأت اصابع بلقيس ترتعش وهي تقرأ الورقه التي بين يديها هكذا هي دائما تعشق اليقين المطلق لتكون خطواتها واثقه فلم تتعود ابداً الدوران والعوده الى الوراء .. شعرت ان شيئاً من الدفئ ينزلق من عينيها الى وجنتيها كان ذلك الدفئ نتيجة لمخاضات ولوج الدمعة الساخنة عندها لجأت لكبريائها الانثوي وتعكزت على فتات بقايا صبرها .. كانت عبثاً تخبأ دمعها المنهر بأبتسامتها المصطنعة قالت متحسرة محزونة معتذرة :

عذراً ان اقتحمت احلامك الوردية او عكرت مزاج خيالك البنفسجي .. عذراً لو تسللت الى بقايا نبضات الحب في قلبك ودغدغت هتلرية مشاعرك .. أنت تحب الشمس وانا لست سوى ظل شجر وانت شاعر رحال وانا وطن منسي ومهما اشتقت لظل شجري تظل تحب السفر .. واليوم عذراً رسالتك الآخيرة كانت بمثابة رصاصة الرحمة في راس حبي الكبير.
إلى ملهمتي ؟!!


لازال قلمي ينحت مأساتي بإخلاص في قلبِ الصمّ الصياخيد وينثرني على صفحات الأيام حروف عذراء لم يطمثهن إنس من قبل ولا جان ويغتسل بالطهر من نشوة مداعبة الكلمات التي راحت تهتز أشياءها من خشوع وتتمايل في غنج الانوثة وترتشف من خمر السطور ولا تثمل .. وأنتِ يا أنتِ ما زلت كلما أردت الحديث عنها أتدثر برداء اللغة وأعريها من صمتها الخجول .. وانتِ كما أنتِ مالحة المذاق تخلعي وترتدي الكلمات عن ضجر جسدي وعلى عجل كبير .. دوماً صوتكِ عارياً من الحرف مكسواً بلهفة مجنونة لمعانقة السطر . . لا زلتي يا دمعة الفقراء بركان جنون … وقنبلة مشاعر ولكنكِ صامتة …؟؟؟
تموز السامط والمسموط :


قبل ان ابدأ بسرد حكايتي معكم الامر يتطلب طقوساً أقرب إلى السِّحر وشعائرَ تغالي في الطهر والنقاء فمن أجل ذلك كلِّه أرجوكم أن توقدوا معي الشموع وتتلو ترانيم العشق العذري .. شابة ممتلئة الجسم ذات صدر نافر وقوام جميل وخدَّين مُفعمين بالحيوية وعينين مُشرقتَين يكتمل بحضورها السرور ويشيع مع ابتسامتها الأمن والطمأنينة في النفوس تلكم هي (عشتار) إلاهة الخصب والحبّ والجنس لدى سكان وادي الرافدين القدماء .. وهي ابنة اللإله (سين) إله القمر وأمها الإلهة ننكال وأخوها الإله (أوتو) إلاه الشمس وأختها الإلهة (إيرشيكال) إلهة العالم السفلي عالم الأموات .. ذات مرة وفي طريق العودة الى منزلها تلتقي عيناها الراعي دموزي أو (تموز كما يسميه الأكديون ) إله الرعي ويخفق قلبها لحبِّه خفقاناً ينسيها كلَّ عشاقها السابقين الذين تعرفت عليهم في الفيس بوك ومن ثم التقت به ذات ليلة عندما كانت ترقص وحدها متألقة في حلبة الرقص لامعة مثل كوكب الزهرة في سماء ربيعية. وضع يده بيدها واحتضنها فحاولت الإفلات منه راجية إياه أن يخلي سبيلها لترجع إلى أمها فقد تأخرت عن موعد عودتها إلى البيت فقال لها : ان كان لابد من عودتكِ اعطيني رقم هاتفكِ النقال كي نكمل حديثنا على الواتساب واضيفيني الى قائمة اصدقائكِ في الفيس بوك وما ان وصلت الى البيت كانت الكهرباء مطفية للتو وبعد التوسل ب (ابو المولد) شغل على مضض ( من وره خشمه ) وما ان بدأت ( بالتكنيك ) فوجئت ان الاشتراك في الانترنت قد لفظ انفاسه الاخيرة وعلى عجالة اتصلت بصاحب ( المنظومة ) ليعيد اشتراكها وما ان عاد النت تنفست الصعداء وبلهفة العشاق رنت على حبيبها تموز فتجاذب أطراف الحديث الممزوج بالاشتياق وفتح كل منهما كاميرتة للآخر حتى طفقا يخصفان عليهما من بقايا لحافهما حتى لا تبدي لَهما سوآتهمَا ( انتم افهموها ) وما هي ألا لحظات معدودة من الشغف المبلل واذا بأخيها الإله (أوتو) إلاه الشمس يخترق صمتهما المطبق ويبدد خلوتهما المجنونة ويدخل الى خدر اخته دون استئذان فيشاهد (عشتار) شبه عارية وفي الطرف الآخر من الكاميرة تموز كذلك فغضب غضبا شديدا فقال : مقولته الشهير (ويحك ياتموز لسوف اسمطك سمطا بحرارة الشمس) ومنذ ذلك التاريخ وتموز مسموط بالحر وسامطنه وياه ؟!
چنت أزغير :



غصت في أعماق ذاكرتي الحبلى بالذكريات ودون ان أشعر أخذتني أرهاصة شوق لذلك الماضي القريب فأجدني أهتز طربا وأنتشي سرورا حين خالجني الحنين وما أعذبه من حنين يمتطي صهوة جواد الأيام الجميلة المفعمة بالبراءة والحيوية ويحملني الى حيث أيام طفولتي البريئة .. فعندما كنت صغيرا أرى كل الوجوه مرسومة في وجه امي وكل الدنيا قد اختزلتها خصلة من شعر امي كنت العب وألهو واركض هنا احلم بأشياء أكبر مني واضحك بملأ الحياة فرحا هناك .. ووجه ابي كان اخر محطات المساء بعد يوم طويل من اللهو واللعب كنا نستدير كالحلقة حوله بعد ان يكمل لف سيجارته واخذ نفس عميق من دخان تلك السيجارة يضع يده على خده قبل ان يبدأ بسرد حكايته المسائية يتنهد بحسرة (چبير العمر من يذكر شبابه ) ومن ثم يتلو صحائفه ( گبل يا بويه چانت أبيوت اهلنه صرايف مبنيه من گصب الهور ومسگوفه بالباريات وبيوم من الايام شبت حريجه ابيت ابو احميد لان ام احميد نامت ونست اللالة واجه وما حسو اله والنار علگت بصريفتهم گعد ابو احميد مرعوب من نومته وبالگوه گدر يطلع بس الجهال چانت الدنية ليل شته بارد وكل الوادم منومه وحتى من يفزع اهل السلف محد راح يسمعه باوع بحسره على شگه العمر تأكله النار وهو لا حوله اله ولا قوه ) ابتلع شهقة بعمق حزنه وطرح زفيره محمل بألم الحيرة فأخذته سِنَةٌ لبرهة قصيرة جدا من الزمن فرمق بطرفه الضفة الاخرى من النهر الذي كان يفصله عن بيت صديق عمره أبو عناد وتمتم بينه وبين نفسه ( تمنيت كون هسه أبو عناد يمي ) وكأن الريح استرقت عنوة من قلب أبو احميد تمتمته ونفثتها في قلب صديقه أبو عناد وعلى غير عادته نهض أبو عناد من نومه مفزوع ومرعوب من حلم (جيثوم) عكر عليه لذة نومه وما ان فتح عينيه ابصر نارا تلتهم بيت صديقة أبو احميد ودون وعي منه رمى بنفسه الى النهر الذي كان شبه متجمد في تلك الليلة من ليالي ( الازرگ ) غير آبه بصحته وعبر الى الضفة الأخرى من النهر لينقذ صديقه فوصل متأخرا بعد ان التهمت النيران كل شيء فجثم على ركبتيه لشدة خجله من أبو احميد فقال له اسفا ومعتذرا ( يخويه عمت عين النوم اللي اخرني عنك ومادام خشمك يشم الهوه فدوه الك البيت واللي بيه ) وفي اليوم التالي غادر أبو عناد بيته الطيني ليهبه وما فيه الى صديقة أبو احميد ويسكن هو وعائلته في العراء .. بعدها ختم والدي حكايته لذلك المساء ببيت دارمي ممزوج بدموع كبريائه ( كون الصديج ايصير هيچ لصديجه .. عبرته بنص الليل تسوه الحريجه ) .. عندما كنت صغيرا كانت الحياة تتنفس إنسانية وتنطق حبا وايثار .. عندما كنت صغيرا كان هناك انسان يحب الانسان ؟!!
جـــداحه للبيـــع ؟!!



چان اكو واحد بمنطقتنه يصحوله أبن العوره وهذا الشخص ماوره بس الطلايب والمشاكل وفد واحد حرامي وسكير يشرب العرگ بالقندرة واربعه وعشرين ساعة بس يشمشم بالسوكتين ومكبسل ومشخط جسمه من الطول للطول بالموس يوميه جاي يطوطح ومسويله عركه بالمنطقه واذا فد يوم مالگه واحد يتعارك وياه يتعارك وي اهدومه ويظل ايدچچ بروحه بسچينته .. حب بت جيرانهم وأخذ مشيه وراح يخطبهه من اهلهه بس أهل الابنيه رفضوه لان يعرفونه فد واحد ادبسز فتزامط وي ابوهه گاله: يجي يوم واخذهه غصبن على خشمك وأبلاش وفوگاهه أگعد عله على گلوبكم أبيتكم .. راحت واجت الايام وبهذاك اليوم أتفق وي حبيبته تضم خشل ( ذهب) امهه بمكان محد يندله وتگول أنباگ.. ثاني يوم اهل الابنية دورو على الخشلات ومالگوهن .. وأبن العوره معروف ماركة عالمية مسجلة بالبوگ وكل المنطقه تعرفه فد واحد سافل وعفطي فوقع الشك عليه گالوله رجع الذهب الي بگته لا نسلگ والدي والديك .. گالهم عمي عدكم شاهد عليه عدكم دليل عليه گالوله لا ماعدنه گالهم چا عمي ما الكم عليه بس اليمين أحلف وابره .. وصارت گعده عشائرية گالوله يبن العوره تحلف وبعد تلاث تيام اذا ماصار بيك شيء انت بريء واحنه فصاله گالهم واذا انتم صار بيكم شئ بهل تلاث تيام بأعتباركم متهميني باطل گالوله انفصلك مربع گلهم خوش وشگد راح تفصلوني گالول خمس ملايين (بذاك الوكت بس التاجر يملكهن) گلهم يعني وي المربع يصيرن عشرين مليون .. المهم حلف ابن العوره صار الليل طلع حرگ الكاروبة مالتهم واخذ العشرين مليون .. المگاريد اهل الابنية رهنو بيتهم وكلشي عدهم حتى يسددون الفصل .. رجع ابن العوره خطب بتهم واشتره بيتهم وباقي الفلوس اشتره بيهه سياره وفتح مشروع ورشح للانتخابات وهسه يشغل منصب المستشار القانوني بالحكومه .. ويجي واحد بطران ويگلك سليم الجبوري شلون طلع براءة بخمس دقائق ... اگلگم احنه عليمن چنه نسولف نسيت سالفتي .... هااااا اتذكرت .. فدوه عندي ظروف طارئه كلش ووضعي المادي تعبان وعندي جداحه للبيع فدوه لا واحد يكسر بسعرهه

بلقيس . . .؟!

(2 )




بلقيسُ كائنٌ أسطوري جاءَت من أقصى صقاعِ الكون، وأختَرقت طبقة الأوزون مُتَجاهلةً نَعِيقُ تَشاؤُم الثُقب الاسود، أرتدت ثِياب عِرسها من سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مطرّزة بألوان قوس قزح .. أنثى لا تحتويها الابعاد الثلاثة ولا تُشبهها أنوثةَ نساءِ الأرض .. إلتقيتُها للوهلة الأولى بعد فواتِ الآوان .. كانت ترسمُ خطوطَ الطولِ والعرضِ في خارطةِ أيامي منذ عامٍ مضى دون أن أعلمَ وجودها ودون أن أشعر بهمسِ حضورها الأنيق .. تنقّب في صحراءِ حياتيَ القاحلةَ بحثاً عن قطرةِ ماءٍوتنفض الغِبار عن وجه ذاكرتي بحثاً عن بقايا أثار .. ومُذ علمتُ وجودها فتشتُ لها في زوايا القلبِ عن وطنٍ .. وطن وإن كان لا يصلح للسكن .. ولكن ؟! بعد أن أعياني البحث وأضناني النَصَبْ ، تذكرتُ متأخراً أنّي ذاتَ مرةٍ حين أصاب قلبُ الوطن مرضاً عضال تبرعتُ له بقلبي .. عذراً يا بلقيس وألف عذراً بين أضلعي لا ينبض قلب ليكون لسمو قدومكِ وطن يليق بإقامتكِ
بلقيس . . ؟!

( 1 )

بلقيس اخر النساء الجميلات انحدرت من عالم الذر وارتدت رداء الانوثة ونساء الارض لازلن عراة انوثتهن .. بلقيس امرأة من بلادي تقاعدت الحياة مبكرا وهي تتعكز بصبرها على شفير جرف هار وتلوذ بأخر ما تبقى في جعبتها من كبرياء تفضحها بين الفينة والفينة دمعة تنهمر على خدها دون ارادة منها حاولت مرارا ان تغتالها فلم تفلح .. ذات مرة لملمت شتاتها المبعثر واشاحت بوجهها نحو المجهول كانت تبحث عن مأوى يليق بمأساتها وعن يد تربت على كتف معاناتها فافترشت رمال البحر المكتظ بجثث الغرقى ورمت فوق الموج ضفائرها السومرية التي ورثتها عن جدتها شبعاد وظللت برمشها الاطفال الغرقى لعلها تحجب عن اجسادهم الطرية اشعة الشمس الضارة غفت قليلا بحضن الريح دغدغ مسامعها هاتفا محملا برائحة النخيل عودي فما زال كلكامش حيا يقاتل الاعداء من اجل عفتك ويحن لرغيف خبز من تنورك الطين .. الوطن يا بلقيس ليس فندقا تغادرينه متى تشائين ؟!!